Thursday, 14 February 2013

هولوكوست ملجأ العامرية؟ الفرن النازي الأمريكي الذي أذاب أجساد الأطفال الرضع والمدنيين العزل؟!


هولوكوست ملجأ العامرية؟ الفرن النازي الأمريكي الذي أذاب أجساد الأطفال الرضع والمدنيين العزل؟!
صباح البغدادي
في مثل هذه الأيام ستكون قد مرت اثنان وعشرون  عاماً على ارتكاب أبشع مجزرة بشرية في التاريخ الحديث من قبل الطيران الأمريكي النازي البربري وذلك بقصفه عن سابق تعمد وإصرار ملجأ العامرية المدني رقم (25) في حي العامرية غرب مدينة بغداد.
 
في نيسان من عام 2002 أقامت دائرة الشؤون الهندسية التابعة لديوان الرئاسة في العهد الوطني السابق مشروع لتطوير الملجأ الذي ضم مركزآ إعلاميآ، ومقبرة رمزية للشهداء، ونصب تذكاري، لغرض تخليد الضحايا وليبقى رمزآ خالدآ يبين مدى الجريمة البشعة التي ارتكبت بحق المدنيين العزل، ولكن بعد غزو واحتلال العراق قامت العصابات الإجرامية التابعة إلى لص البنوك الدولي المحترف المدعو (الجلبي أحمد) والتي تم تدريبها في معسكر هنغاريا برعاية وتمويل من المخابرات الأمريكية ليكونون بدورهم جواسيس وإدلاء وذلك بقيامهم بتدمير النصب التذكاري وسرقة وتخريب محتوى الملجأ الذي كان يضم بداخله مقتنيات تذكارية وصور للشهداء العراقيين الذين لقوا حتفهم في داخله، بل تم قتل بعض الحراس الذين تصدوا واعترضوا على عملية النهب والتخريب من قبل هذه العصابات وبدعم من مرتزقة المارينز النازي.
 
في الساعة الرابعة والنصف ومع حلول أذان الفجر من يوم 13 شباط 1991 وبأوامر من الحكومة والقيادة العسكرية الأمريكية نفذ المجرم النازي الجنرال غلوسوم بإعطاء أوامره لقصف الملجأ بقوله القذر ” سوف نرسل أليهم هذه الهدية لغرض تعريفهم عن مدى قوتنا ” حيث قصفت طائرتان من نوع “أف 117″مزودتان بقنابل صنعت خصيصاً لمثل هذه العمليات من نوع “جي بي يو 27، والقنبلة كانت من عيار ألفي رطل، نصف خارقة، مقدمتها كتلة معدنية مخصصة لحرق الأهداف الخراسانية، وموجهة بأشعة الليزر وقد تم تجربتهما لأول مرة في هذه ألضربة ـ لأنهم يعتبرون الشعب العراقي مجرد فئران تجارب ـ مع تشكيل من طائرات الحماية والحرب الإلكترونية لتصل إلى الملجأ وتطلق عليه صاروخين من خلال فتحة التهوية الخاصة بالملجأ، حيث دخل الصاروخان من فتحة التهوية، وكان الصاروخ الأول يهدف إلى إحداث خرق يولد عصفاً يؤدي إلى إغلاق الأبواب، فيما يمر الصاروخ الثاني من خلال الخرق ليحقق النتيجة المطلوبة، وكان الانفجار والحريق، أغلقت الأبواب، فلا يدخل منجد ولا يخرج طالب نجاة، لأن جدران ملجأالعامرية التي صُممت لتعزل دوي الانفجارات وصوت الدمار عن سمع الأطفال وبصرهم، عزلت هذه المرة صوت استغاثاتهم عن سمع العالم، واستيقظ الكثيرون بهدوء، واستمرت عجلة الموت الأمريكية بحق الشعب العراقي، وأخذت كل ما وقف بطريقها من بشر، وطير، وشجر، وحيوان، وبنية تحتية، ومدارس، ومستشفيات، ومعامل، وطرق وجسور، ومحطات لتوليد الكهرباء، وحتى بيوت سكنية للمواطنين.
 
والعامرية ملجأ أخذ اسمه من الحي الذي يقع فيه بين البيوت السكنية بجوار مسجد ومدرسة ابتدائية وهذا الملجأ كان مجهزاً للتحصن ضد الضربات الكتلوية، أي الضربات بالأسلحة غير التقليدية، الكيماوية أو الجرثومية ومحكماً ضد الإشعاع الذري والنووي والتلوث الجوي بهذه الإشعاعات.  
يقع غرب العاصمة بغداد وهو واحد من عدة ملاجىء مدنية أنشأت لحماية المدنيين. مساحته 500م2 ويحتوي على طابقين علوي وسفلي وآخر تحت الأرض ويستوعب 1000 شخص و سكان الحي وغيرهم من مناطق بغداد يأتون إليه، لأنه يتوفر فيه الماء والكهرباء، وكذلك التدفئة والتبريد المركزي، وكذلك لشعورهم بالأمان هناك، لأنهم اعتقدوا بأن الملجأ سيكون في منأى عن أهدافهم النازية الإجرامية الخبيثة وبعد أن قصفت الطائرات الأمريكية محطات الكهرباء ومحطات ضخ المياه، وبعد إصابة الملجأ وصلت درجة الحرارة فيه إلى الألف من الدرجات المئوية، وانصهرت فيه الأجساد اللينة، بل إن كثيراً من الجثث في الطابق السفلي تفحمت واختلطت بنثار الأسمنت والحديد المنصهر، فتحول هذا الطابق إلى مدفن جماعي عندما كان يعج بالمدنيين من الشيوخ والنساء والأطفال. ونتج عن هذا العمل الجبان استشهاد 407 من المواطنين، منهم 138 رجل و269 امرأة من بينهم 54 طفلاً رضيعاً وكذلك 26 مواطناً عربياً.
يقول أحد الناجين من هذا العمل الوحشي الجبان أن انتشال الجثث من وسط الركام كان مشهداً يبعث على الرعب ويثير الفزع والخوف وكان جميع أهالي رواد ملجأالعامرية ينتظرون إخراج الجثث ليتعرفوا على أصحابها، لكنهم كانوا مع اللحظات التي تمر يتملكهم اليأس ويعصف بهم الحزن لأن كل الجثث كانت مشوهة ومتفحمة ومقطعة الأوصال، بل إن جثث الأطفال كانت أكواماً من لحم محترق، ومن هياكل عظمية محطمة وكان من المستحيل التعرف على أكثرهم والتصقت أجساد الأطفال بأجساد أمهاتهم ولم يكن بالإمكان معها تميز الطفل الرضيع عن أمه .
يقول البروفيسورماكغواير غبسون تعبيراً عن استنكاره الجرائم البشعة التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية النازية ضد شعب هو من أعرق شعوب الأرض قاطبة : ”حرب الخليج هي أحقر حرب خضناها نحن الأمريكان حتى الآن، وإنها خطأ مأساوي سيكلفنا الكثير ” ويضيف أيضاً في تصريحه : ” والمنطق الذي استخدمته أمريكا سابقاً لتبرير قصفها مدينتي ـ هيروشيما وناكازاكي ـ بالقنابل الذرية حينما ادعت أنها قصفت قاعدة مهمة للجيش الياباني استخدمته مجدداً في قصفها الوحشي لملجأ العامرية، حيث ادعت في تصريحاتها أنها قصفت مقر قيادة وسيطرة عسكري في بغداد مهم للغاية، لكنها قصفت ملجأً مدنياً كان يتحصن فيه مدنيون لا حول لهم ولا قوة وقد أرادت من هذه الجريمة البشعة ترويع الناس الأبرياء وإرهابهم وهز معنوياتهم والتأثير في صمودهم ومقاومتهم للعدوان وهو التبرير نفسه الذي ساقوه في قصفهم لليابان في ادعائهم، وحيث مرارة الصورة البشعة التي نقلتها عدسات المصورين والصحفيين الذين توافدوا بعد سماعهم الضربة، وكانوا شهوداً على وقوع الجريمة.
انهارت آلات الكذب والدعاية الأمريكية بعدها، واضطر البنتاغون على واقع التنديد الدولي إلى الاعتراف بالجريمة البشعة التي ارتكبتها الالة العسكرية النازية ، وأنها حدثت بطريق الخطأ، وليس بالقصف المتعمد لمكان مدني وقد قام الفنان العراقينصير شمة بتخليد هذه الذكرى بتأليف عمل موسيقي حيث حاكى بعوده أصوات الأطفال وهم يلعبون، ثم صافرة إنذارٍ بغارة جوية قادمة، ثم أصوات الطائرات والقصف، وصرخات ضحايا ملجأ العامرية وبعد القصف بساعات، وصل إلى أرض المحرقة المراسلون والصحفيون وصوروا هذا الحدث المرعب دون قيود أو شروط مسبقة، ونقلوا الوقائع كما شاهدوها بأم أعينهم في الملجأ أثناء تجوالهم في داخله، ومنهم مراسل قناة بي بي سي حيث كان يتجول بحريته حاملاً بيده مصباحاً يدوياً لغرض الرؤية، لأن الظلام الدامس كان يخيم على جميع أروقة الملجأ، وهو ينتقل من مكان إلى مكان داخل الملجأ، حيث رجال الدفاع المدني والإطفاء يسارعون بإخراج الجثث المتفحمة يقول المراسل الصحفي : ” أنا الآن أبحث وسط أكوام هذه الجثث المحروقة لغاية التفحم عن أي شيء يشير إلى وجود معدات عسكرية، أو أجهزة اتصالات، أو أي شيء له علاقة بالجانب العسكري، وحسب ادعاء القيادة الأمريكية بأنها استهدفت موقع قيادة وسيطرة عسكري مهم وحيوي!!! فلم أجد إلا أكوام الجثث المتفحمة، والتي التصقت حتى بالجدران الداخلية للملجأ هذه الشهادة كانت حية ومن موقع الحدث، وهو أحد الأفلام الوثائقية الكثيرة التي صورت في مكان الحادث بعد وقوعه.
وأثناء عودتي من حفر الباطن ونجاتي مع بعض إخواني من نفس الوحدة العسكرية على طريق الموت صفوان، حيث كانت الطائرات الأمريكية تحلق بطيران منخفض لترمي بحمولتها حاويات القنابل العنقودية على امتداد طريق الموت صفوان أثناء انسحاب قطعات الجيش العراقي، لغرض إيقاع أكبر الخسائر في صفوفهم بين شهيد وجريح وخلال رحلتي الطويلة للعودة إلى بغداد والتي تخللتها المشقة والصعاب والموت المحتم، ومنذ اليوم الأول لوصولي إلى العاصمة زرت هذا الملجأ لغرض الاطمئنان على أقربائي وأصدقائي في منطقة العامرية والذين فقدت بينهم بعضاً من أعز أصدقائي الذين كانوا متواجدين في هذا الملجأ، ولكي أستفسر من بعض الذين بقوا على قيد الحياة منهم عن سر تواجدهم في هذه الليلة، حيث قالوا لي شخصياً : أنه ليس هذا اليوم بالذات كانوا في الملجأ، ولكن منذ الساعات الأولى لبداية الهجوم الغادر، كان سكان المنطقة يذهبون إليه عند حلول الظلام، لأن القصف يبدأ بعد حلول الظلام كما يعرف الجميع، أما عن ما أشيع عنه بأنه ملجأ قيادة وسيطرة عسكري، أكدوا جميعهم بأن هذا الملجأ فارغ، وليس به إلا معدات خاصة بتشغيل الملجأ من مولدات كهربائية وغيرها. وهنا نشير أيضاً إلى ما نشرته الصحف الغربية بخصوص هذه الجريمة البشعة لملجأ العامرية. فقد نشرت صحيفة “الصنداي تايمز” البريطانية في عددها الصادر يوم 17/2/1991 أن مصدراً رفيعاً في البنتاغون أبلغها بأن وزارة الدفاع الأمريكية تعترف بارتكابها خطأً بقصف ملجأ مدني في بغداد، وأن المعلومات التي بموجبها تم تشخيص المكان كملجأ عسكري كانت معلومات قديمة وغير محدثة أية معلومات قديمة وقد ذكر شهود عيان في منطقة العامرية، حيث يقع الملجأ، أن الطائرات الأمريكية ظلت ثلاثة أيام متوالية تحوم حول المنطقة وأحياناً بارتفاعات منخفضة. ويبدو أن الهدف من هذا الطيران كان تصوير المنطقة بدقة، والتعرف على مواصفات الملجأ، وتحديد كيفية إصابته إصابة مباشرة وإلحاق الأذى الفادح بالقاطنين فيه. وهذا ما عكسته طريقة تنفيذ الجريمة، إذاً المعلومات ليست قديمة، ولكنها أكذوبة قديمة، وورقة من أوراق التضليل الأسود، في كتابه “احذروا الإعلام، أفرد “ميشيل كولون” فصلاً مهماً لدراسة أساليب التضليل التي مارستها ماكينة الدعاية الأمريكية والغربية، لطمس حقيقة هذه الجريمة البشعة، وسعي شبكات التلفزة الأمريكية والغربية عموماً إلى الحد من تأثير هذه المأساة وانعكاساتها على الرأي العام العالمي.
يقول ميشيل كولون: “إن الأمر الذي صدمتنا ملاحظته هو أن المراسلين يتحدثون عنه باسم الملجأ ، في حين تصر هيئة التحرير العسكرية على تسميةالمخبأ العسكري” إن اختيار التسمية ليس بريئاً، فالملجأ هو مدني بالضرورة، أما المخبأ فهو عسكري بالضرورة أيضاً، والثاني يوافق الطرح الأمريكي الرسمي، ويستغرب كولون من عدم نشر مجلة باري مانش الفرنسية صور ضحايا الملجأ، وهي التي عودتنا على نشر الصور الواضحة للحوادث ومحاولات الاغتيال، لكنه يجيب على هذا الاستغراب بالقول : ” إن سبب تكتم الصحيفة على نشر صور الملجأ هو أن أولئك القتلى لا يخدمون أغراضها ويناقضون الدعاية المطلوبة الأدهى من ذلك أن المصادر العسكرية عدت قصف الملجأ، حتى بعد انكشاف الحقيقة، دليلاً على مهارة الطيارين الأمريكان وفعالية قنابلهم الذكية، لقد كشفت الجرائم النازية الأمريكية وحلفائهم مدى استهتارهم بالقيم والمواثيق الإنسانية واستخفافهم بحياة الشعوب.
يقول الدكتور ” هورست فشر في حديثه عن هذه الجريمة إن الهجمات الترويعية على السكان المدنيين، أو قصف المناطق قصفاً شاملاً، التي بطبيعتها لا تميز بين الأهداف العسكرية والمدنية محظورة، ولا يلعب المبدأ الإنساني دوراً هنا، فإذا كان قصف المدنيين متعمداً، فإنه جريمة حرب.
يؤكد نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، في مادته الثامنة، اعتبار توجيه الهجمات عمداً ضد السكان المدنيين بحد ذاتهم، أو ضد الأشخاص المدنيين الذين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية هي جريمة حرب واستخدام الأسلحة العشوائية، مثل القنابل الانشطارية، في مناطق مأهولة جريمة حرب أيضاً.
فكما صيغ في البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977، تحظر الهجمات إذا كانت ستوقع خسارة عرضية في حياة المدنيين أو جرحاً أو ضرراً مفرطاً بالأعيان المدنية، مقارنة بميزة الهجوم العسكري المباشرة المحددة المتوقعة. يلقي هذا الحكم التزاماً دائماً على كاهل القادة العسكريين بأن يأخذوا بالاعتبار نتائج الهجوم مقارنة بالميزة المتوقعة، فقائمة الأهداف لا بد أن تجدد دائماً، والنزاع يتطور، مع ضرورة الانتباه الخاص لحركة المدنيين الآمنة. ربما كان الهجوم على ملجأ العامرية غير قانوني، لو- وهذا لم يثبت أبداً - لم تتتبع الولايات المتحدة بعناية حركة المدنيين الباحثين عن ملاذ أمن في بغداد أثناء عمليات القصف ” وفي هذه المناسبة الأليمة التي تمر على جميع العراقيين الشرفاء، ما زلنا نتذكر تلك المنشورات الرخيصة التي ساقتها لنا أحدى راقصات التعري الإعلامي، وهي تشيد بفحولة الجندي الأمريكي، وأن هذا الجندي قد أتى وستر على نسائنا وبناتنا شئنا أم أبينا هكذا بكل وقاحة وصلافة على حد قولها، والآن بعد أن انكشفت عورتها الصحفية والإعلامية من على البارجة الأمريكية الراسية في أحدى دول الخليج العربي أثناء استعراض مفاتنها الإعلامية وتبرير جرائم أسيادها غيرت وجهة البوصلة إلى انتقادهم بعد اكتمال النصب الذي تم تشيده من قبل أسيادها من جماجم العراقيين وكأي مرتزق وعميل انتهت مدة صلاحيته وتم رميها في أقرب منعطف بعد الانبطاح للغازي النازي الأمريكي كل هذه السنين الماضية … لا لا لا … أبدآ لن ينسى العراقيون ما كنتم تسطرونه من منشورات رخيصة، ومهما طال الزمن فذاكرة العراقيين ما زالت بخير وقوية … ولكن إلى حين … حيث لنا وقفات أخرى.
 
إعلامي وصحفي عراقي
 

*بعض ما جاء من فقرات في مقالنا أعلاه مأخوذة من موقع الجزيرة نت لغرض التوثيق الإعلامي والصحفي إضافة إلى مشاهدتنا الحية ومراجعة شخصية منا لبعض الأشرطة التلفزيونية التي وثقة هذا الحادث وغيرها من الحوادث الإجرامية بحق الشعب العراقي منذ عام 1991 ولغاية هذه اللحظة؟!.

No comments:

Post a Comment